التسجيل
ميلاد الساحة الحمراء
رغم
التهديد الدائم و المستمر للبلاد من قبل الطاعون، الكوليرا و التتار، استمرت موسكو
في التطور و الازدهار متحدية كل هذا.
عاش
سادتها في قصور و بفضل تجارتها النشيطة، ولدت بها البورجوازية. و توافد عليها
التجار من كل أنحاء أوروبا.
تم
بناء مجال تجاري في كتاي غورد، المدينة
شرق الكرملين و خصص مكان للأسواق و المحلات التجارية.
كان هذا المكان أو الساحة واسعة للغاية و أطلق
عليها صفة "كراسنايا". أتصور أن الجميع يعرف معنى هذه الكلمة (حمراء و
جميلة).
و ذاع صيت هذه الساحة إلى أن صارت الساحة الأهم
في المدينة في مجال التجارة طبعا.
كانت
ساحة فخمة للغاية و كان بها عدد كبير من المنصات الخشبية الضخمة و التي بلغ عددها
ال400 منصة على حد علمي.
ظل
التجار يتوافدون عليها رغم علمهم بالمخاطر التي تحيط بهم على الدوام من حرائق و
غيرها. ففي هذا المكان تحديدا، حصل حريق ال"بنتكوت" في 1737.
بعد
تتويج إيفان الرهيب، تم التخطيط لأن يكون مركز المدينة في تلك الساحة دون غيرها.
نال إيفان هذا اللقب "الرهيب" لقسوته و صلابته في المعارك. و الموت
المفاجئ لزوجته جعل منه إنسانا شكاكا جدا إذ كان يضن أنه تم تسميمها.
كان
للقيصر الفضل الأكبر في تحسين و تجميل مدينة موسكو. اختار كنيسة سانت باسيل لتكون
الكنيسة الرئيسية و قام ببناء كنائس أخرى. جده هو من كلن السبب في طرد النبلاء من
قصورهم في الكرملين إلى كتاي غورد و إلى شمال المدينة المعروف باسم "المدينة
البيضاء" بسبب لون جدار حصنها.
الطريق
الأكثر حركة بهذه المدينة كان ال"تفيرسكايا"، كانت الساحات المحيطة به
فخمة للغاية بمبانيها و قصورها. لكن كل تلك القصور قد هدمت للأسف في 1930 تقريبا
بسبب مخططات إعادة البناء التي رسمها ستالين.
القياصرة
كانوا يقدرون قيمة هذه الطريق جدا إذ كانوا يقيمون فيها كل احتفالاتهم حتى بعد
الانتقال نزولا عند رغبة بطرس الأكبر من العاصمة موسكو إلى سانت بطرسبرغ و حتى بعد
تقليص دور موسكو. ظل هذا الطريق مدخلا احتفاليا للمدينة.
حين
توفي إيفان، توج ابنه فيودور قيصرا لكنه كان ضعيفا عقليا-إن صح التعبير- فأدار
قريبه بوريس غودونوف كل شؤون الدولة.
لم
يكن بوريس أرستقراطيا لكنه كان حذرا، لا بل حذرا جدا في حكمه. عند وفاة فيودور في
1598، وقع الاختيار عليه قيصرا بالرغم من الكره الذي تحمله له كل العائلات النبيلة
في البلاد. حيث أنهم عارضوا أن يكون لبلدهم حاكم "دخيل" على حد قولهم. و
لتصعيد المعارضة ضده، قاموا بإصدار إشاعة تنص على أن بوريس هو من قتل ابن دميتري: إيفان، هذا الذي مات شابا
في ظروف غامضة نوعا ما سنة 1591.
و
قد اتهم فيما بعد بأنه المذنب الوحيد في حصول المجاعة التي انتشرت بعد ثلاث سنوات
من توليه الحكم.
لكن
عند ظهور شاب يزعم أنه ابن إيفان الذي من المفترض أن بوريس قتله، و عند ترأس هذا
الشاب للجيوش البولونية، لم يكن للعائلات النبيلة خيار إلا بمساندة القيصر
للاحتماء به.
توفي
بوريس بشكل مفاجئ فاستلم دميتري الكذاب عرش روسيا. لكن لم يطل الأمر إلى أن
اكتشفوا أنه كاثوليكي فتم اغتياله بعد اكتشاف ذلك مباشرة و عمت الفوضى البلاد.
الكثيرون
من سادة البلاد حاولوا جاهدا الحصول على لقب "القيصر" إلا أن لا أحد
استطاع أن يحافظ عليه طويلا. إذ غرقت روسيا في النزاعات الدائمة حول العرش.
أثناء
ذلك، اتجه رجلان لمدينة "سيرغييف بوساد" عله فاختبآ بها و شرعا في تكوين
جبهة وطنية. كانت هذه بادرة جريئة منهما و خلدت ذكراها في التاريخ. و قد تمكنا من
الوصول إلى ما طمحا إليه و إلى دعم الكنيسة. شكل ذلك تهديدا للبولونيين فقاموا
بمحاصرة الكنيسة حصارا دام 16 شهرا لكن انتهى الأمر بانسحابهم في الأخير.
هذان
الرجلان هما: بوجارسكي و مينيم. شكلا ثنائيا عجيبا. كان الأول أميرا و الثاني كان
عميد موسكو أمام الكنيسة. تم طرد البولونيين من موسكو و تم تعيين ميخائيل رومانوف
قيصرا. و دام حكم عائلته ال304 سنة.
