لم يكن من قبيل الصدفة أن يجد مسلسل باب الحارة أكبر عدد مشاهدين في المجتمعات العربية، مقارنة بباقي المسلسلات الرمضانية التي إستمالت الفضائيات المختلفة بعرض دعاياتها قبيل الشهر الفضيل بشهر، لحث المشاهد على متابعتها.
ويبدو أن مسلسل باب الحارة، على الرغم من التخوف الذي ساد العاملين فيه، كونه الجزء الثالث، من ملل المتابعين له والعزوف عن مشاهدته، إلا أنه إستطاع أن يُدخل المتابع في تمنيات وعلاقات مثالية، إنتهت في أيامنا هذه.
وتؤكد الكاتبة والأديبة منال خميس (32 عاماً) أن دراما المسلسل وعلاقة الأسر داخله، جاءت في وقت تفكك المجتمعات العربية بأسرها وغياب المحبة والجيرة الحسنة التي أوصى بها إسلامنا الحبيب.
وقالت لشبكة الصايرة "مع تطور الحياة أصبحت العلاقة فاترة جدا حتى بين الأزواج، فما بالنا بالعلاقة الطبيعية بين باقي أفراد المجتمع".
تعدد أبطال المسلسلات
ويشير الأديب اليمني الشاب المرتضى إسماعيل الطايفي (33 عاماً) في إتصال هاتفي معه إلى أن تعدد أبطال المسلسل أدى إلى إندماج الشخصيات الخارجة عن المسلسل بداخله.
وأوضح لـ (شبكة الصايرة) أن هناك "عامل مشترك واحد في اعتقادي لنجاح كل هذه المسلسلات، إبتداءً من ليالي الحلمية مروراً بالمسلسلات التركية وإنتهاءً بالجزء الثالث من باب الحارة، هو تعدد الشخصيات في المسلسل والتركيز على كل الممثلين بحيث أن لكل ممثل له حكاية مستقلة، وهذا هو سر النجاح الحقيقي في هذه المسلسلات.
وأكد الأديب الطايفي أن المسلسلات الغير ناجحة تركز على البطل فقط، وتُسخّر كل الشخصيات داخل المسلسل لخدمة بطل لا غير، أما هذه المسلسلات منذ ليالي الحلمية فيركز على كل ممثل رئيسي أو ثانوي ويصنع له حكاية مستقلة، يجعله هو فيها البطل، فنقوم نحن بقبول فكرة الاختيار لشخصية أقرب إلى شخصيتنا الواقعية". وضرب مثلا وقال: أنا مثلا قد أجد نفسي في أخ لميس أو أجد نفسي في صديق يحيى، وقد يجد شخصية غيري في معتز وغيره في أبو حاتم، وهكذا.
وأوضح أن المخرج يقوم بر بط الشخصيات ببعض في ندية وتكامل مما يجعل للمشاهد في عقلة الباطني حرية التنقل بين الشخصيات وحرية الحب لهذه الشخصية أو لتلك وهكذا. لذلك تجدين الناس يحبون شخصيات كثيرة في كل مسلسل بالإضافة إلى البطل الرئيسي، دون أن يعرفوا ما هو السر الحقيقي وراء نجاح هذه المسلسلات.
لماذا لا نأخذ الإيجابيات
وتؤكد الطالبة هديل إسماعيل (21 عاماً) أنها تابعت مسلسل نور وسنوات الضياع بشغف كبير. وقالت "تمنيت أن يأخذ مجتمعنا الأشياء الإيجابية الموجودة داخل المجتمع التركي. وأوضحت لـ عشرينات أن حل المشاكل الزوجية كانت في غاية الروعة، فالهدوء والتعامل المنطقي بين الزوج والزوجة هو ما نطمح له.
وأضافت هديل للصايرة "لعل الكثيرين ينتقدون مشاهدتنا للمسلسلات، لكنني اقسم أنني أتابع فقط أساليب الحياة بين الأفراد، ولا اكترث لهذا البطل أو ذاك". وتساءلت: لماذا يجب ضرب الزوجة وإهانتها إذا ما جلست في نقاش مع زوجها!!؟ هنا الفرق بين المجتمعات المختلفة.
ويؤكد المخرج الفلسطيني الشاب يعقوب أبو غلوه (29 عاماً) أن المسلسلات العربية العادية تنزه البطل إلى درجة الجعل منه إنسان نقي طاهر خالي من الأخطاء، ولذلك يصعب للعقل الباطني للمشاهد الاقتناع به، حتى لو أحبه للحظات.
وأوضح للصايرة "أما المسلسل الذي يحمل شخصيات متشعبة ولكل شخصية قصة شيقة كما في باب الحارة أو سنوات الضياع، فان المشاهد يقتنع بالمسلسل ويؤثر فيه إلى درجة التربية العقلية التي قد تصيب المشاهد جرّاء اقتناعه بالأدوار، ويحاول تطبيق تلك الشخصيات في حياته العادية سوى أكانت الشخصية فتاة ام رجل.
تأثيرها على المجتمع
وتؤكد الأخصائية الإجتماعية هداية صلاح أن أية مسلسلات قد تؤثر سلباً في شخصية الإنسان أو إيجاباً، "فالشاب أو الفتاة قد يفكر من زوايا سلبية أكثر منها إيجابية، كلٌ بحسب تربيته ونشأته.
وقالت "قد تتحمس الفتاة أو الشاب للعواطف الجيّاشة داخل المسلسلات واللقاءات الغير طبيعية، فتحاول تقليدها في مجتمعها، ومن هنا يبدأ الضرر الحقيقي، ولذلك يتخوف العلماء المسلمين من هذه الزاوية وتأثيرها السلبي على العلاقة الأسرية".
وأشارت إلى أن عقول بعض الناس غير ناضجة تماماً، فهناك عشرات حالات الطلاق حدثت في مجتمعات عربية بسبب مسلسلي نور أو سنوات الضياع التركية، وهذا ما يؤكد تخوف المفكرين وأهل الدين من إنعكاسها على حياة الناس.
اكيد مو انا اللي كاتبه
اللي كاتبته فلسطين- الصايرة- نجلاء عبد ربه